صيام الأطفال .. و خطوات بسيطة لتشجيعهم على الصيام

صيام الأطفال
يمثل رمضان فرصة جيدة لأطفالنا للاحتفال حيث تزداد المناسبات الأجتماعية التي يجتمعون فيها مع باقي أفراد الأسرة، و هو ما قد يكون صعباً بعض الشيء في غير رمضان بسبب انشغال الكبار في العمل وظروف الحياة كجزء من عادات الأطفال فإنهم دوماً يسعون للتصرف مثل الكبار وتقليدهم، كيف يجب أن تنظر للأمر من ناحية الحفاظ على صحته ؟ وهل صيام الأطفال آمن على صحتهم؟ و متى يمكن أن نبدأ بالتفكير في جعل الطفل يصوم؟

ADVERTISEMENT

كل هذه التساؤلات سوف نجيب عنها في جولتنا مع موضوع صيام الأطفال في رمضان ..

صيام الأطفال في شهر رمضان

صيام الأطفال في شهر رمضان يعني من المنظور الطبي عدة عوامل ينبغي وضعها في الاعتبار و أهمها :

ADVERTISEMENT
  • بقاء الطفل طوال فترة النهار دون الحصول على أي سوائل.
  • بقاء الطفل طوال النهار دون الحصول على غذاء يمده بالطاقة.
  • طبيعة التغذية التي يحصل عليها الطفل بعد الإفطار.
  • الجوانب النفسية للصيام.

و هذا ينعكس على صحة الطفل من خلال :

  • تأثير الصيام على القدرات الإدراكية للطفل.
  • تأثير الصيام على قدرة الطفل على ممارسة أنشطته اليومية.
  • زيادة احتمالية تعرض الطفل للـجفاف.
  • احتمالية تعرض الطفل لنقص الفيتامينات.
  • احتمالية تعرض الطفل لغذاء يحتوي سعرات حرارية عالية دون قيمة غذائية موازية بعد الإفطار.
  • إجبار الطفل على الصيام قد يؤدي لتكون انطباعات سلبية لديه عن التجربة.
  • رغبة الطفل في الصيام مع عدم قدرته قد تقلل من تقديره لذاته.

هذه العوامل تطرح سؤالاً مهماً .. هل صيام الأطفال مفيد صحياً في رمضان ؟

هل صيام الأطفال مفيد صحياً في رمضان ؟

بداية و قبل الإجابة على هذا السؤال فإننا يجب أن نضع في اعتبارنا حقيقتين أساسيتين :

ADVERTISEMENT
  • المولى سبحانه و تعالى لم يفرض الصيام على الأطفال قبل سن البلوغ.
  • المنظور الذي ننظر من خلال لتأثير الصيام على صحة الأطفال هو المنظور الطبي المجرد وفقاً للدراسات العلمية التي أجريت.

الآن سوف نجيب على السؤال حول فائدة الصيام للأطفال من عدمه في نطاق تأثير الصيام على كل من القدرات العقلية والإدراكية، والقدرات الجسدية.

أولاً : تأثير الصيام على قدرات الأطفال العقلية و الإدراكية :

تعتبر فترة الصيام فترة ضغط جسماني، ويصاحبها نقص في معدلات الطاقة في الجسم بشكل عام و في المخ بشكل خاص؛ لذا فإنه لوحظ أن فترة الصيام يصاحبها انخفاض في قدرة الأطفال على أداء الأنشطة العقلية والإدراكية بكفاءة.

كما أن بعض الدراسات التي أجريت في هولندا للمقارنة بين التحصيل الدراسي للطلبة المسلمين و باقي الطلاب، وجدت أن قدرة الطلاب المسلمين على التحصيل الدراسي تنخفض كلما زاد التداخل بين جدول السنة الدراسية و بين شهر رمضان و ما يرتبط به من صيام.

ADVERTISEMENT

كذلك أجريت دراسة أخرى على تأثير الجفاف على أداء طلاب مدرسة ابتدائي لتمارين تقيس القدرات الإدراكية، و قد وجدت أيضاً أن تعرض الأطفال للجفاف يؤثر على قدرتهم العقلية، حتى و إن كان الجفاف لا يسبب أعراضاً جسمانية شديدة.

ثانياً: تأثير الصيام على قدرات الأطفال الجسدية :

تُشير الدراسات الطبية التي أجريت إلى أنه بحلول الأسبوع الثالث من رمضان يبدأ معدل أداء الأطفال في بعض التمارين الرياضية التي كانت موضع البحث ينخفض .

و قد ربطت بعض الفرضيات العلمية بين انخفاض مستوى الأداء الجسدي للأطفال خلال الصيام و بين تعرضهم لانخفاض مستويات الجلوكوز التي تمد العضلات بالطاقة، بالإضافة إلى فقدان سوائل الجسم، و لكن من أجل وضع هذه الدراسات في سياقها الصحيح ينبغي وضع العوامل التالية في الاعتبار :

ADVERTISEMENT
  • الدراسات البحثية المتوافرة عن الآثار الصحية لـ صيام الأطفال في رمضان قليلة نسبياً، وهذا انعكاس لتدهور حالة البحث العلمي في عالمنا العربي.
  • الدراسات البحثية المتوافرة دائماً ما تنصح في نهايتها بالحاجة إلى إجراء مزيد من البحوث بعينات أكبر من أجل تأكيد النتائج بشكل أقوى.
  • رغم ذلك فإن حرصنا على بناء معلوماتنا على الدراسات المتوافرة رغم قلتها يكون أفضل كثيراً من الاعتماد على الخبرات الشخصية أو المعلومات المتناقلة في الموروث الشعبي دون أي أدلة علمية على صحتها.

ما هو السن المناسب لتشجيع الأطفال على الصيام ؟

  • لا توجد نصيحة جازمة في هذا الشأن، والأمر يختلف وفقاً للحالة الصحية الفردية لكل طفل ومتى تسمح له بالصيام.
  • لكن في المتوسط فإنه يمكن البدء في تشجيع الطفل على الصيام من سن 7 سنوات، مع البدء بفترات صيام قصيرة لا تتجاوز بضعة ساعات في بداية النهار.

كما ينبغي عند التفكير في السن المناسب لبدء صيام طفلك التفكير في العوامل التالية :

  • وزن الطفل : هل هو متناسب مع طول ؟
  • سوء التغذية : هل يعاني الطفل من سوء تغذية أو نقص في الفيتامينات ؟
  • الحالة النفسية : هل الطفل مستعد نفسياً لتقبل فكرة الصيام ومتحمس لها ؟
  • الحالة الصحية : هل يعاني الطفل من أي أمراض طارئة تستدعي تأجيل الصيام لحين شفائه ؟
  • الأمراض المزمنة : هل يعاني الطفل من أمراض مزمنة تستدعي مراجعة الطبيب المتابع لحالته بشأن الصيام؟و هكذا يمكن تحديد السن المناسب لبدء صيام الطفل بشكل آمن.

نصائح طبية لصيام الأطفال في رمضان

  • نوم الطفل لفترات كافية في الليل، وعدم السهر يقلل من تأثير الصيام على القدرات الإدراكية.
  • تناول الطفل لوجبة السحور شيء أساسي، ويجب أن تحتوي وجبة السحور على كربوهيدرات معقدة تضمن مصدر طاقة له خلال فترة طويلة من النهار.
  • الحرص على إمداد الطفل بسوائل متنوعة طوال فترة ما بعد الإفطار يضمن تعويض حالة الجفاف التي تحدث خلال النهار.
  • الحرص على أن يحتوي غذاء الطفل اليومي فواكه طازجة وخضروات لتعويض أي نقص في الفيتامينات والأملاح المعدنية اللازمة لنمو الطفل الطبيعي.
  • يجب الانتباه لمحتوى السعرات الحرارية للأغذية التي يتناولها الطفل؛ حيث إن جوعه خلال الصيام قد يدفعه لتناول كميات كبيرة من الحلويات والمكسرات التي تحتوي على سعرات حرارية مرتفعة، مما قد يسبب بنهاية الشهر زيادة وزن الطفل بشكل غير صحي.
  • التدريج في تدريب الطفل على الصيام، بمعنى بدء صيام الطفل ببضعة ساعات في بداية النهار.
  • إذا كان الطفل مصاباً بأي أمراض طارئة مثل نزلات البرد، أو الإسهال، فينبغي ألا يصوم حتى يتعافى.
  • الحرص على تشجيع الطفل على الصيام بشكل إيجابي، و عدم استخدام لغة العنف والتهديد لما لها من آثار نفسية سلبية.
  • إذا كان الطفل منتظماً على أدوية لأمراض مزمنة، فينبغي تعديل جدول جرعات الدواء للتوافق مع فترات الإفطار تحت إشراف الطبيب المعالج.

نصائح صحية لمنع تدهور صحة الأطفال الصائمين في رمضان :

هناك بضعة قواعد أساسية ينبغي وضعها مع طفلك لتضمن صيام آمن بإذن الله و هي :

  • وجبة السحور شرط أساسي لصيام الطفل في اليوم التالي.
  • خلال الصيام ينبغي تجنب الوقوف واللعب في الشمس.
  • لا بأس إذا شعر الطفل بأي تعب أن يخبر أسرته على الفور.
  • الصيام طوال النهار لا يعني السماح بتناول غذاء غير صحي طوال الليل.
  • تناول الخضروات و الفواكه خلال فترة ما بعد الإفطار شرط أساسي لصوم صحي خلال رمضان.
  • ينبغي أن نوضح لأطفالنا أنه في حالتهم مرضهم، فإن الله قد أعطاهم رخصة بالإفطار حفظًا لصحتهم و أنه لا بأس بذلك.
  • تنظيم مواعيد النوم يضمن عدم تأثير الصيام على الأداء الدراسي للطفل.

خطوات و طرق تشجيع الأطفال على الصيام في رمضان

وتشمل الخطوط الرئيسية لتهيئة الطفل نفسياً للصيام:

كن قدوة بأفعالك :

ربما ليست هذه المرة الأولى التي تجد فيها هذه النصيحة تتصدر قائمة أفعال ينبغي أن تفعلها، لتغرز في طفلك شيئاً ما، هذه هي الحقيقة .. قل لطفلك 1000 كلمة و افعل أمامه فعلاً واحداً، وسوف تجده يقلد فعلك وليس كلامك.

ADVERTISEMENT

اشرح لطفلك السياق العام :

الأطفال في سن صغير لا يكونوا مدركين بشكل كامل للسياق الديني والتاريخي لفرض الصيام، وكثيراً ما يكون الأمر بالنسبة لهم أشبه بمهرجان سنوي يصوم فيه جميع الأشخاص الكبار ، فـ صيام الأطفال في هذا السن يحتاج إلى التوعية الكافية لهم .

لذا ينبغي أن تشرح لطفلك معنى الصيام و كيف أنه يتجاوز كثيراً مجرد الامتناع عن الطعام والشراب إلى كونه تدريباً للإنسان المسلم على الرقي الإنساني.

تقبل تساؤلات طفلك :

عندما نشرح لأطفالنا مسألة الصيام ينبغي أن يتسع صدرنا لتساؤلاتهم أياً كانت، و تأكد أن تعاملك السلبي مع أي تساؤل للطفل لا يعني ببساطة أن هذا التساؤل سوف ينمحي من عقله، ولكن كل ما في الأمر هو أنه سيبحث عن إجابته في مصادر أخرى الله وحده يعلم ما هي.

ADVERTISEMENT

لذا أظهر دوماً تفهماً لتساؤلات طفلك بشأن الصيام ولا ترد على الأسئلة المفاجئة بشكل سلبي، و لكن حاول أن تخبر طفلك أن هذه المسألة لها شرح طويل، و تؤجل إجابة السؤال لفترة بسيطة تكون خلالها قد تمكنت من بناء إجابة مناسبة لسنه.

مرِّن طفلك على الصيام تدريجياً :

أعفى الله الأطفال الصغار من الصيام لحين بلوغهم؛ لذا حاول استغلال هذه الرخصة في أن تجعل صيام طفلك مسألة متدرجة فيما يخص فترة الصيام.

اعط طفلك نصائح عملية :

من العوامل التي تساعد الأطفال على تقبل الصيام بشكل جيد، هو معرفتهم بعض النصائح العملية التي تساعدهم على تخطي وقت الصيام دون معاناة، على سبيل المثال نبه طفلك إلى أهمية تجنب الوقوف في الشمس لفترات طويلة خلال النهار حتى لا يشعر بعطش أشد.

حفز طفلك و شجعه :

احرص دوماً على تشجيع طفلك كلما حقق تقدماً في سعيه نحو الصيام بشكل صحيح.

اجعل الأمر بدافع الحب و ليس الخوف :

تخويف الأطفال ربما تكون استراتيجية ناجحة ظاهرياً في إجبار الطفل على عمل شيء معين، لكن هذه الاستراتيجية لا تفيد مع الصيام بالذات؛ لكونه نشاطاً شخصياً للغاية يستطيع الفرد فيه تناول الأطعمة في الخفاء .

لذا احذر من الاعتماد على التخويف و الترهيب لدفع طفلك للصوم.

و في النهاية نود أن نذكِّر قراءنا الأفاضل أن تعليم وتدريب طفل بشكل سليم على الصيام، هو مسألة لا تقدر بثمن وسوف تنال عليها أجراً في كل مرة يصوم فيها هذا الإنسان؛ لذا يجب الحرص على تعريف الأطفال بالصيام من خلال الحكمة والموعظة الحسنة والقدوة الصالحة والابتعاد تماماً عن الترهيب و التخويف، ويمكنك استشارة أحد أطبائنا من هنا، إذا تعرض ابنك لأي مشكلة صحية، مع خالص دعواتنا للجميع بالصحة و الذرية الصالحة إن شاء الله.

اقرأ أيضاً

 

 

ADVERTISEMENT

هل كان هذا المحتوى مفيدا؟

جار التحميل...
كتب بواسطة د. كريم عادل مكاوي - المراجعة والتدقيق: طاقم ديلي ميديكال انفو
تاريخ النشر: تاريخ التحديث:
قد يعجبك أيضا
هذا الموقع يستخدم الكوكيز لتقديم أفضل تجربة تصفح اعرف المزيد